السبت، 20 ديسمبر 2014

الساقية

إنسان جوه إنسان ولما يطلع يتغذى على إنسان ولما يكبر يتنمرد ع نفس الانسان! 
هذه الفكرة جعلتني أُجن!!! كيف استطاع ابن آدم ان يأسر قلبيّ والديه! يجبر أمه على الاعتناء به! السهر لاجله! ان تعاني وجعا وألما لا يستطيع أشد الرجال ان يحتمله طول تسعة أشهر يليهما على الأقل عامين كاملين لا تذق فيهما طعما للراحة البدنية فقد غضت البصر وتناست الراحة العقلية منذ بداية حمله! كيف استطاع ان يجبر أباه ان ينحت الصخر ليأتي برزقه! ان يعطيه خلاصة عرق جبينه دون ان يوجه لنفسه ذاك السؤال "لماذا أنفق على هذا المخلوق المزعج؟!" 
نحن لا ندرك مدى أهمية الأشخاص في حياتنا الا بعد فقدانهم ولكن أهلنا يعرفونها و يقيمونها بل و يقدسونها ايضا منذ اللحظة الاولى لزيارة الطبيب ومع اول كلمة يتفوه بها من مقولته الشهيرة "مبروك.. المدام حامل"! 
سأحدثك بالعامية علك تفهم ما أعنيه!
الأم بتعاني طول فترة الحمل من قيئ وغثيان في أوله ووجع ظهر وحموضة قاتلة في آخره و هذه هي الأعراض العادية لأي حمل بغض النظر عن أية مشاكل اخرى قد تطرأ خلاله وكل أم وحملها بقى .. والأب بيشتغل الدوبل عشان يوفر احتياجاتك الاساسية وانت رضيع وأهمها البامبرز ال سيادتك بتستهلكه كأنه لبان تخلص طعمه وترميه مع مراعاة اختلاف مناطق الاستخدام!
اثناء الولادة: الام داخلة غرفة عمليات مش في دماغها هتعيش ولا هتموت بالعكس كل ال مستنياه انها تشوفك سليم ..معافى.
الأب بيفضل رايح جاي في قمة التوتر منتظر خروجك بالسلامة عشان يكبر في ودنك ويعد صوابع رجلك قبل ايديك!
بعد الولادة: هنا بتبدأ مرحلة "الى اللانهائية وما بعدها" الام ما بتنامش عشان سيادتك جعان..عطشان..عيان..عايز تغير..بتستعبط وعايز تلعب.. بتستهبل وعيل رذل وغاوي عياط.. بتغسلك ببرونات بتحضرلك رضعات بتغسلك هدومك وتكويها عشان الميكروبات.. وطبعا بالنسبة لها أكيد ال جاي أحسن م ال فات ! وهي يا عيني ماتعرفش انها هتفضل في القلق والدوخه دي مدى الحياة!
الأب بيروح شغله مش مركز لانه مش نايم لان سيادتك برضه بتعيط طول الليل والنهار!
حياتهم لما بتكبر انت شوية و تدخل مدرسة بيفتكروا يا حرام انها ارحم من وانت صغير وبيصبروا نفسهم بإنك عالاقل بطلت تعيط وسط الليل و بقيت تدخل الحمام لوحدك!
لكن في الواقع بيبتدوا مرحلة تانية من المعاناة:
الام: تصحى بدري عشان تفطرك قبل نفسها..تلبسك قبل نفسها..تحضرلك اكل المدرسة.. وتستناك لحد ماترجع عشان تغذيك وتذاكرلك وتوديك تمارينك وترجعك وتحكيلك حدوتة عشان تنام مبسوط وهلم جرا!
الأب: بيفضل في نفس ساقية الشغل.. عشان يحوش و يسافر و يتفسح!! لا طبعا عشان مصاريف مدرستك وكتبك ومذاكرتك وفسحك وهدومك وانت ما عليك غير تقول عايز و طلبك يُجاب!
نيجي بقى لمرحلة المراهقة:
الام: طول ما انت بتذاكر قلقانة هتجيب درجات كويسة تدخلك جامعة محترمة ولا لأ! بتاكل كويس ولا لا! طول ما انت بره هترجع سليم ولا لا! نمت كفاية ولا لا! هل نتيجة تربيتها جابت نتيجة ولا لا وسيادتك بتجر في شكل اي مخلوق ولا لا وجايبلها هي وأبوك الشتيمة ولا لا!
الأب: هي هي نفس الساقية.. جابلك فلوس تكفي يصرف على دروسك ولا لا.. يقدر يدخلك جامعة بفلوس لو طلعت فاشل ولا لا! لما تحب تسافر مع أصحابك هيقدر يوفرلك ده ولا لا!
كبرت وخلصت جامعة: 
الام: يارب يلاقي شغل كويس..يارب الناس في الشغل ما يقرفوهوش.. يارب يلاقي بنت الحلال ال تراعي ربنا فيه!
الأب: يارب قدرني اصرف عليه لحد ما يلاقي شغل.. يارب ساعدني اجيبله شقة يقدر يتجوز فيها.. يارب اقدر اجهزه عشان ماحدش يعايره!
وأول ما حضرتك تاخد بنت الحلال ال مامتك دعيتلك تلاقيها في الشقة ال باباك جابهالك... تنسى ابوك وامك!! لا صحيح انت ابن حلال مصفي :/
فكر شوية .. راعي ضميرك مع اهلك.. حس شوية انك استنفزت كل قواهم و سلبت منهم راحتهم وهم شباب و راحة بالهم وهم كبار! فكر انك في يوم م الأيام هتكون مكانهم وهتصعب عليك نفسك بعد كل ال عملته لأولادك ان ماحدش فيهم عبرك ولا بمكالمة تليفون! فكر انه كما تدين تدان وأنك مجرد إنسان زي ما شيلتهم همك بكرة تشيل هم غيرك! أفتكر حضن أمك وانت صغير واحضنها دلوقت .. أفتكر تعب ابوك وانت صغير وريحه دلوقت!
أفتكر كويس جدا ان لا تقل لهما اف ال ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا!
اهلك أحسن حاجة ممكن تحصلك في حياتك.. قدر النعمة دي قوي.. عشان لو زالت لا قدر الله هتقول ياريتني فضلت صغير وفضلوا هم كمان معايا.